المسْــــــمَر ..والسـمر على نــــــــــور القمــــر.
كان الأجداد في حافة الخُلَيْف وعيديد بمدينة تريم يغمرهم شعور فياض وهم يتسامرون في المسْمر ولعل اسمه جاء من المسامرة التي تغلب على امسياته ليلاً.

والمسْمر هو اسم لساحة صغيرة في حارة الخُلَيْف تقع في الجهة الشمالية الغربية من جبانة تريم  وكان  المسْمر  مكاناً ومسرحاً نابضاً لعقد اجتماعات الحافة والتشاور في كثير من القضايا التي تهم العباد والبلاد .. فهو مدرسة لتربية الأجيال وملتقى للأعيان والشخصيات الاجتماعية البارزة.
وكان للأجداد  في الماضي تأريخ مجيد يسجله باحرف من نور في التعاون كاطفاء حريق أو انقاذ غريق أوالخدمة في الأفراح والأتراح وغيرها من الأعمال الحميدة..  فهم يعملون كخلية نحل واحدة يسود فيهم روح الاحترام المتبادل.
وساحته اتخذها الناس للترويح عن النفس في ممارسة كثير من الألعاب الشعبية التراثية  مثل لعبة الرزيح و الزاح والفرْق والشبواني والخجة... الخ.
والمسمْر في الخُلَيْف هو نقطة انطلاق لإحياء أي فعالية أواشهارها أوالمشاركة في حفل داخل أو خارج المنطقة فالتجمع والانطلاق والعودة يكون فيه فهو بمثابة مربط الفرس عندهم.
..ولكن اللعبة التي لها السيادة والشهرة والتي ارتبطت بالمسْمر--وأبت أنْ تفارقه -و بدون منازع على مستوى المدينة هي لعبة الرزيح وهي:
القيام بحركات وخطوات بالرجلين بصورة ايقاعية رتيبة إلى الأمام والخلف أو بالقفز الجماعي في مواقعهم ويرددون بعض المدائح للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وبعض الأدعية كقولهم : ابوقاسم عزك الله يانجم الصباح .. وياالله بالجنة ..الجنة الخضراء.. وجعلّنا فيها .
ومن العجيب أن اجدادنا قاموا بحفر كل مساحة المسْمر بعمق قليل ومن ثم وضعوا فيها صفائح من القصدير وطمروا عليها التراب والغرض من ذلك لكي تكون  لهذه اللعبة صدى قوي وعندما يتم  الرزيح في ارضيتها  يحدث فيها ارتياج  وهزات لهذه الصفائح وإثارة كبيرة وهذا يعزز الروح المعنوية الحماسية لدى كل من يمارسها أو يعشق هذه اللعبة التراثية !!.
اما المسامرة تحلو في المسْمر قديماً  مع بزوغ القمر ونوره الفضي الذي يضفي للمكان بهجة وجمالاً . مع لعبة الفرْق والشبواني والشعر الشعبي. والشعراء كانوا لهم صولة وتنافس كبير وكان الشاعر المرحوم السيد حداد بن حسن الكاف من كبار الشعراء الذين لهم نصيب الأسد في الحرص والحضور في الجلسات الشعرية والامسيات بالمسْمر .
..نعم انها امسيات جميلة وذكريات من الماضي فهم يأتون إلى هذا المكان للبحث عن السعادة والفرح والتسلية.
وختاماً أنَّ زمن المسامرات في المسْمر قد سافرت وولت ولا يمكن الوثوق والإمساك بها وأنْ مسامريه قد  رحلوا  عنّا رحمة الله عليهم ..