يتعرض العقل البشري للجمود الفكري والذهني حينما لا يمارس رياضته الذهنية
والفكرية، مثلما يتعرض الجسم للجمود والخمود حينما تتوقف أعضاؤه الظاهرة عن
الحركة،وقد يتساءل أحدكم عن طبيعة الرياضة العقلية أو الذهنية او الفكرية
أيا كان المسمى،هذه الرياضة تتجلى واضحة في القراءة العلمية الذاتية التي
لايجوز للإنسان تركها أو التخلي عنها بأي حال من الأحوال.
لقد ميز الله جل وعلا الإنسان بالعقل،وجعل عقله من أرقى عقول الكائنات الحية ،ومنه جاء التكريم الإلهي له،فالمرء من غير عقل يكون شبيها بالحيوان في البرية وربما أضل.
لهذا وجب على الإنسان أن يستغل طاقاته العقلية والذهنية التي منحه الله سبحانه وتعالى إياه في ما يرضي الله جل وعلا،ومن أعظم وأجل مايستغله الإنسان لنمو عقله البشري أن يجعله عقلا رياضيا من خلال كثرة القراءة وتتبعها في كتب العلم والمعرفة حتى يصير قارئا نهما لاتضيع عليه شاردة أو واردة.
ولما كانت القراءة بلغت من الأهمية بمكان كان أول فعل نزل في كتاب الله تعالى هو الفعل( اقرأ)،قراءة باسم الرب جل وعلا،حتى تكون قراءة فاعلة تؤتي أكلها وثمرتها على الوجه الذي يرضي ربنا سبحانه وتعالى ،ولكن حينما تكون القراءة ليست باسم الرب جل وعلا فستكون قراءة باسم الشيطان أو قرنائه ومن ثم تكون وبالا على صاحبها فتؤدي قراءته إلى إحداث فتنة في الدين أوإثارة تحريش أو تحريض أو نحو ذلك. إن المجتمع الراقي هو المجتمع الذي لا يكل ولايمل عن القراءة،والمجتمع المتخلف هو المجتمع الذي عزف عن القراءة وتخلى عنها. إننا إذا ما تساءلنا عن أسباب عزوف غير واحد من أبناء المجتمعات العربية عن القراءة فسنلفيها كثيرة ،من أبرزها ما يأتي:
١- سيطرة ما يسمى بوسائل التواصل الاجتماعي سيطرة كاملة على العقول والأذهان،حتى لتجد الواحد منهم يقف منغمسا أمام جواله ساعات من غير أن يشعر بذلك في أمور ربما بلغت من التفاهة ما بلغت، علما أن النت وما يحتويه من علوم عظيمة كان أجدر بمن يستخدمه أن يستغله في ما ينفعه في الدنيا والآخرة.
٢- اكتفاء بعض الاختصاصيين في أي علم من العلوم على القراءة المحدودة في تخصصاتهم وعدم الاطلاع على أي كتب أخرى،الأمر الذي أدى إلى محدودية ثقافتهم المعرفية والفكرية والذهنية، فأدى إلى محدودية رياضتهم العقلية.
٣- قتل الفراغ في ما لايجدي وما لاينفع،ومع الأسف ربما يكون ذلك من علية القوم،فتتحجم أذهانهم، وتنغلق أفكارهم،وتجدهم لايبدعون إلا في القيل والقال.
٤- غلبة نشر الكتب إلكترونيا على الكتب الورقية،إذ إن كثيرا من الناس لا يرتاحون إلا بالقراءة في الكتب الورقية ،ويتضجرون سئمين من القراءة في الكتب الإلكترونية.
٥- الغلاء الفاحش الذي وصلت إليه بعض الكتب ،إذ أدى ذلك إلى عدم إمكانية شراء الكتب من ذوي الدخل المحدود،وأغلب الناس اليوم أصبحوا منهم.
هذه بعض الأسباب التي أدت إلى العزوف عن القراءة،ولأجل أن نتغلب عليها لابد علينا أن نستغل ساعات حياتنا حتى لاتذهب هدرا،ننظم الأوقات تنظيما إداريا دقيقا حتى لاتفوت علينا الساعة تلو الساعة ،فنصل بعد ذلك إلى ما لايحمد عقباه في الدنيا والآخرة.